عندما تُرسم الخطوط الحمراء لابد أن نضع على ضفافها لافتةً يُكتب عليها بالخط العريض (لا تتعدى حدودك ، ولو زدت عليها يا مغفل فلا بأس ) ، ليس لأنك منذ زمن قديم سرقت أموال المارة على تلك الخطوط ، أو لأن بينك وبينهم ثأر قديم ، أو أن خيلك سبقت خيلهم فهم يتربصون بك الدوائر ، بل لأنك تنشد أن يبقى هؤلاء ونواجذهم تبدوا من كثرة الضحك ، فما بعد ذلك الخط ، قد تعني تلك الجمجمة التي ترسم في أشرعة سفن القراصنة ।
حتى عندما يقيض لنا الخير وبالمجان في كثير من الأحيان، نركله كحمار شبع من البرسيم – واعتذر لصاحب المعنى إذا استغنى – ولو كان الأمر قصرا على صاحبه ، يضر به نفسه لفضلت الصمت ، لا خوفا ، لكن لأنني أعي أن ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) ، بيد أننا نتعالى على الخير ، ونشنها حربا على من حولنا على الرغم من يقيني أنهم يحبوننا ، وإذا ما تدخل أحدهم ليرسم الخطوط الحمراء ، فأننا ننعته بالمادي ، أو الباحث عن مصلحة حدود ( أناه ) .
يتكرر المشهد يوميا على طرق كثيرة ، أن شأت فاذهب إلى الباطنة على طول شارعها الجميل ، التي تصطف على جانبيه واحات كثيرة ، أو لما لا تأتي معي عبر الطريق من العاصمة إلى نزوى ، دون أن أجبرك ، فقصة الأنانية تتكرر في كل مكان .
على الرغم من أن (السوالف ) ما زالت تأخذ طابع الاستعداد، أو ربما ما زال جهاز التبريد على هبة الاستعداد في انتظار أن تتحرك السيارة قليلا (تحتر يعني ) ، بيد أن السرعة لا يمكن أن تنتظر كل هذه الأمور ، ثوانٍ فقط وتسمع الصوت المتكرر (تيت تيت ) ، يخبرك دون أن يخجل منك أنك تتجاوز الحدود ، هذا أن لم يكن صاحبه قد أجتثه عن بكرة أبيه ، وأخرس فاه ، وندخل عالم الفور ملا ،هذا إذا ما كنت تقود سيارة على قدك (أيكو أو أكسنت ، أو شي من السيارات التي تهتز كأنها "سيف العازي" إذا مرت عليها شاحنة ) ، أما إذا كنت من ملّاك (ما يهزك ريح أو كامري أو شي من القائمة الطويلة ) ، فلابد أن تثبت للعالم قوة سيارتك ، وتتجاوز الخطوط الحمراء مرتين على أقل تقدير ..
واصل قليلا السير ، ستنتهي في الغالب جدا إلى بقايا سيارات وملامح شوارع ، لو أمعنت النظر ستتذكر أنك في المرة الماضية مررت على شارع جميل مرصوف ، وعلى جانبيه ترتفع أعمدة الإنارة ، ولو أطلت النظر في السيارة ، قد تتذكر أن صاحبها مر عليك بسيارته قبل دقائق ، غير أن سرعته لم تتح لك الفرصة لتتأكد ما إذا كان هو أم لا ، المهم أن النهاية ستكون ، رجل معاق أو امرأة فقدت طفلها وهو يبكي على حضنها ، وربما رحلت معه ، أو حتى أشلاء إنسان . وحتى في ظل هذه اللوحة لابد أن تثني على الله وتقول (جت سليمة ) ، لسببين بسيطين ، الأول أن شكره جل وعلا واجب في كل حال ، والآخر أن جنون أصحاب القلوب الصلدة ، كانت يمكن أن تجعل المأساة أكبر ، لولا رفق ربك ورحمته .
عندما نرفض أن نفعل (الصواب)، لابد أن نجبر على فعله لأنه وببساطة هو (عين الصواب) ، وبعد أن قرأنا الماسي ونحيب الأرامل ، وبكاء الأطفال ، وأمنياتهم المتلاشية حتى قبل أن يتمنوها ، كان لابد أن ترسم تلك الخطوط الحمراء وعلى مسافات متقاربة ، بل وبالحبر السري أحيانا لنعرف ما إذا ما كنت تقف عند القانون لأنه قانون ، أم لأنه سيف مسلط على رقبتك ، فكانت ( أجهزة ضبط السرعة ) ، وحتى بعدما تنهدت قليلا لانتا سنلزم بالقانون قسرا ، وبالتي نرحل من منازلنا وقليل من الطمأنينة على قلوب أمهاتنا ، إذا بسذاجة العقول تعلن رفضها ، وتستخدم آليات كثيرة لتعبير عن ذلك الرفض ، أغربها فقأ عين ذلك الجهاز ، أو تناسيه حتى إذا ما اقترب منه ، أعلن حالة الإستنفار القصوى ، وفرمل حتى تقترب السرعة مما يرضي ذلك الجهاز ، وإذا ما جاوزه رمقه من مرآة السائق ، وارتسمت عليه ابتسامة خبيثة ، وهو يردد ، يا مغفل !
لم اعرف المرجو ، نحن نرفض الموت ، ونرفض تلك المشاهد المؤلمة عندما يرحل أحدهم في حادث سير ، بيد أننا لا نسعى إلى ضده ، وحتى إذا ما فرضت سلامتنا علينا بالقانون ، تثور فينا نخوة السرعة ، وكأني بأبي مسلم يهجونا مستنكرا (ما بالنا نبكي الفقيد ونحن من حب الذي أرداه في استهتار ) ، على اختلاف المقام بين قوله ، وقولي هنا ، بيد أن المنوال نفسه .
ماذا تريدون ؟!
هل أنتم مستعدون أن تعودوا كل أجازة لتقضوها في عزاء أحدكم بدلا من قضائها مع فلذات أكبادكم ؟
هل تطيقون حديث الأرامل ونواح الأطفال وهم يندبون حظهم ، ويمنون النفس بـ (عد يا أبي ) ؟
أم تريدون من جهاز ضبط السرعة أن يأخذ لكم صورة جماعية قبل انتحاركم ؟! إذا ابتسموا .!!
حتى عندما يقيض لنا الخير وبالمجان في كثير من الأحيان، نركله كحمار شبع من البرسيم – واعتذر لصاحب المعنى إذا استغنى – ولو كان الأمر قصرا على صاحبه ، يضر به نفسه لفضلت الصمت ، لا خوفا ، لكن لأنني أعي أن ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) ، بيد أننا نتعالى على الخير ، ونشنها حربا على من حولنا على الرغم من يقيني أنهم يحبوننا ، وإذا ما تدخل أحدهم ليرسم الخطوط الحمراء ، فأننا ننعته بالمادي ، أو الباحث عن مصلحة حدود ( أناه ) .
يتكرر المشهد يوميا على طرق كثيرة ، أن شأت فاذهب إلى الباطنة على طول شارعها الجميل ، التي تصطف على جانبيه واحات كثيرة ، أو لما لا تأتي معي عبر الطريق من العاصمة إلى نزوى ، دون أن أجبرك ، فقصة الأنانية تتكرر في كل مكان .
على الرغم من أن (السوالف ) ما زالت تأخذ طابع الاستعداد، أو ربما ما زال جهاز التبريد على هبة الاستعداد في انتظار أن تتحرك السيارة قليلا (تحتر يعني ) ، بيد أن السرعة لا يمكن أن تنتظر كل هذه الأمور ، ثوانٍ فقط وتسمع الصوت المتكرر (تيت تيت ) ، يخبرك دون أن يخجل منك أنك تتجاوز الحدود ، هذا أن لم يكن صاحبه قد أجتثه عن بكرة أبيه ، وأخرس فاه ، وندخل عالم الفور ملا ،هذا إذا ما كنت تقود سيارة على قدك (أيكو أو أكسنت ، أو شي من السيارات التي تهتز كأنها "سيف العازي" إذا مرت عليها شاحنة ) ، أما إذا كنت من ملّاك (ما يهزك ريح أو كامري أو شي من القائمة الطويلة ) ، فلابد أن تثبت للعالم قوة سيارتك ، وتتجاوز الخطوط الحمراء مرتين على أقل تقدير ..
واصل قليلا السير ، ستنتهي في الغالب جدا إلى بقايا سيارات وملامح شوارع ، لو أمعنت النظر ستتذكر أنك في المرة الماضية مررت على شارع جميل مرصوف ، وعلى جانبيه ترتفع أعمدة الإنارة ، ولو أطلت النظر في السيارة ، قد تتذكر أن صاحبها مر عليك بسيارته قبل دقائق ، غير أن سرعته لم تتح لك الفرصة لتتأكد ما إذا كان هو أم لا ، المهم أن النهاية ستكون ، رجل معاق أو امرأة فقدت طفلها وهو يبكي على حضنها ، وربما رحلت معه ، أو حتى أشلاء إنسان . وحتى في ظل هذه اللوحة لابد أن تثني على الله وتقول (جت سليمة ) ، لسببين بسيطين ، الأول أن شكره جل وعلا واجب في كل حال ، والآخر أن جنون أصحاب القلوب الصلدة ، كانت يمكن أن تجعل المأساة أكبر ، لولا رفق ربك ورحمته .
عندما نرفض أن نفعل (الصواب)، لابد أن نجبر على فعله لأنه وببساطة هو (عين الصواب) ، وبعد أن قرأنا الماسي ونحيب الأرامل ، وبكاء الأطفال ، وأمنياتهم المتلاشية حتى قبل أن يتمنوها ، كان لابد أن ترسم تلك الخطوط الحمراء وعلى مسافات متقاربة ، بل وبالحبر السري أحيانا لنعرف ما إذا ما كنت تقف عند القانون لأنه قانون ، أم لأنه سيف مسلط على رقبتك ، فكانت ( أجهزة ضبط السرعة ) ، وحتى بعدما تنهدت قليلا لانتا سنلزم بالقانون قسرا ، وبالتي نرحل من منازلنا وقليل من الطمأنينة على قلوب أمهاتنا ، إذا بسذاجة العقول تعلن رفضها ، وتستخدم آليات كثيرة لتعبير عن ذلك الرفض ، أغربها فقأ عين ذلك الجهاز ، أو تناسيه حتى إذا ما اقترب منه ، أعلن حالة الإستنفار القصوى ، وفرمل حتى تقترب السرعة مما يرضي ذلك الجهاز ، وإذا ما جاوزه رمقه من مرآة السائق ، وارتسمت عليه ابتسامة خبيثة ، وهو يردد ، يا مغفل !
لم اعرف المرجو ، نحن نرفض الموت ، ونرفض تلك المشاهد المؤلمة عندما يرحل أحدهم في حادث سير ، بيد أننا لا نسعى إلى ضده ، وحتى إذا ما فرضت سلامتنا علينا بالقانون ، تثور فينا نخوة السرعة ، وكأني بأبي مسلم يهجونا مستنكرا (ما بالنا نبكي الفقيد ونحن من حب الذي أرداه في استهتار ) ، على اختلاف المقام بين قوله ، وقولي هنا ، بيد أن المنوال نفسه .
ماذا تريدون ؟!
هل أنتم مستعدون أن تعودوا كل أجازة لتقضوها في عزاء أحدكم بدلا من قضائها مع فلذات أكبادكم ؟
هل تطيقون حديث الأرامل ونواح الأطفال وهم يندبون حظهم ، ويمنون النفس بـ (عد يا أبي ) ؟
أم تريدون من جهاز ضبط السرعة أن يأخذ لكم صورة جماعية قبل انتحاركم ؟! إذا ابتسموا .!!